الاثنين، يونيو 16، 2008

شافاك الله يا أخي البلالي و"الله ياخذ الحق"



مهداة إلى الإطار الأخ "البلالي"[1] ضحية التدخلات الأمنية العنيفة والوحشية
أحمد الأنصاري بوعشرين دكتور معطل ضمن التنسيقية الوطنية للأطر العليا المعطلة
هو البلالي الذي تبللت ثيابه بعرق السنين، كي ينعم بكرامة تليق بإنسانيته أولا وبمكانته العلمية ثانيا،أعرف جيدا أنك كابدت السنين، وسهرت الليالي، كي تصل إلى شارع محمد الخامس بالرباط كأمثالك من الأطر العليا الذين أنكرهم "وطن دولتنا"، وليس "دولة وطننا"،أعرف يا "البلالي" أنك ما كنت عاشق أن تجوب الشوارع، لكنك مكره في زمن أراد منه بعض المتلذذين بآلام الناس، أن لا يدور إلى على هواهم،أعرف يا "البلالي" أنك لم تحسب ألف حساب ولا مئة حساب ولا حتى حسابا واحدا لما حل بك اليوم، حصلت على شهادتك العليا، فطلبوا منك شهادة أخرى ميدانية، مدرستها وقفات ومسيرات نضالية بشوارع الرباط، ورجالاتها أمثالك، والمانحين إياها رجالات القوات العمومية المنتشرين معك ومع أمثالك من الأطر في نفس هذه الشوارع،طلبوا منك شهادة ميدانية، وقع عليها أحدهم بأداة توقيع خاصة هي عصاه الغليظة، فكان أن طرحك أرضا، وكسر بعضا من عظامك، ومنحك ميزة جيد جدا حين كرر توقيعه فأصاب جسمك ما أصابه و ياللعار، خطها بخط طويل عبر ظهر جسمك بنفس أداة توقيعه الخاصة، وبالبون العريض "مهدد بالشلل" لا قدر الله،هكذا حللت بنادي المعطوبين وضحايا عنف القوات العمومية وبميزة "مهدد بعاهة مستديمة" لا قدر الله، كيف لهذا الوطن إذن أن يكون وطنك يا "البلالي" ووطني ووطن كل هذه الأطر المستضعفة وكل هذه الفئات الاجتماعية المقهورة؟سلبوه منا وأرادوه وطنهم، ينعم به أبناؤهم فقط، ويحل به ضيوفهم في حفلاتهم وسهراتهم ومهرجاناتهم، أما أنت يا "البلالي"، حللت ببيت أسرتك الفقيرة، واستقبلتك أمك، وهيأت لك فراشك ووسادتك، حتى تنعم بالراحة، وحتى تنسى ألم ظهرك،فأين وطنك يا "البلالي"؟ "يا وطني المعروض كنجمة صبح في السوق"[2]، في المهرجانات الليلية والسهرات الأسبوعية يتغنون بك يا وطني ويهزون على الطبلة والبوق،وطنك هذا يا "البلالي"، الذي كنت فيه أنت ونحن جميعا أطرا وفئات مستضعفة، ضحية مخططات خماسية وثلاثية فاشلة، توجت بتنفيذ تقويم هيكلي أتى على كل آمالنا في تنميتنا وتنمية الوطن بنا، أتأمل صورتك وأمك ترتب لك طريقة نومك كي تنعم براحة بعيدا عن الألم، أتأمل صورتك وأنت طريح الفراش وعربتك المتحركة أمامك، أتأمل صورتك وأنت بعكازيك تتوكأهما، كي تقوى على المشي، أتأملك وأنت مصر على أن تتضامن مع أصدقائك الضحايا من الأطر العليا بالرغم من مرضك، أتأمل كل هذا،ويبدو لي أن زمننا متوقف، ووطننا متوقف، وتنميتنا متوقفة، وأحلامنا متوقفة، ونهضتنا متوقفة، وبحثنا العلمي متوقف، ومدرستنا متوقفة، وتعليمنا متوقف...، شيء واحد يتحرك، عجلات سيارات القوات العمومية، وأقدام رجالاتها وعصيهم الغليظة، وعجلات سيارات الإسعاف التي تنقل الضحايا تلو الضحايا، مشهد مغربي رديء، محزن، مخزي، ورتيب، يخيل إلي ذلك !!! فتأتي تقارير التنمية البشرية الدولية والتقارير الحقوقية لكي تؤكد لي هذا الركود، ما عساني أن أقدم لك يا "البلالي" وأنت طريح الفراش، لك مني أجمل التحيات، وأبلغ المواساة، وأقوى التشجيعات، وألح الأدعية كي تتشافى، وتعود إليك بسمتك، وتستعيد كرامتك، "شافاك الله" والله ياخذ الحق".كتبت يوم الأحد 15 يونيو 2008


[1] تتكون أسرة البلالي .ع من 11 فرد : 7 أبناء وبنتين إضافة إلى الأب والأم يقطنون في بيت قصديري بضواحي الصخيرات، حالته تبعث على الشفقة فبعد أكثر من 20 سنة من التحصيل والجد هاهو الآن يجد نفسه طريح الفراش مهددا بالشلل لا قدر الله، لم يعد يطالب بالوظيفة، أمله اليوم هو أن يتعافى

[2] مقطع من قصيدة للشاعر مظفر النواب

ليست هناك تعليقات: