السبت، يونيو 07، 2008

حينما تصبح إهانة الأطر العليا جوابا رسميا ثابتا: أنموذج ضحية...


بقلم أحمد الأنصاري بوعشرين
دكتور معطل ضمن التنسيقية الوطنية للأطر العليا المعطلة

تضيع الكلمات، ويسبح المخيل في تساؤلات حول المصير والمنتهى والواقع، هكذا انطلقت مفكرتي وأنا عائد من زيارة فحص طبية،...
طوال سنين عمري، وأنا أعيش سلما مع الذات ومع المحيط ومع الدراسة والتحصيل العلمي، انسجام روحاني ربطني بهوس العلم والقراءة والمطالعة والتطلع إلى المعرفة، كانت البداية حب وعشق، أحمل محفظتي المملوءة بلوازم الدراسة التي مافتئت أمي المكافحة توفيرها لي دون أن تكلفني عناء التفكير في كلفتها الاجتماعية، هكذا نما عشقي للدراسة، في مشهد ذهاب وإياب من وإلى المدرسة، وفي لحظات تسلق طموح نحو الأعلى في العلم الأقسام والمستويات والأسلاك الدراسية، من المدرسة إلى الإعدادية إلى الثانوية ثم الجامعة، بعدما أسعدت نفسي وأسرتي ووالدتي بحصولي على أول شهادة الباكالوريا، ثم مالبث الطموح يزداد إصرارا في تسلق الدرجات، برغم إكراهات الوضع التعليمي المتقلب الأجواء والبرامج والأنظمة، والتي نكون ضحيتها، فرنسة، تعريب، نظام باكالوريا مختلف عن نظام الثمانينات والسبعينات، (عشت النظامين في آن واحد)، و هكذا دواليك،... كانت الجامعة حقلا جديدا بالنسبة لي، من حيث أجوائها، فكان التحصيل العلمي، وكان النضج،...وكان لقاح السياسة وحلقات النضال...، وكانت مع كل ذلك مهازل ومآسي أخرى تنضاف في مسلسل التحصيل العلمي، بحث علمي ضعيف التشجيع، ندرة في التجهيزات، تراجع نظام المنح... و نضالات لا ترقى إلى مستوى الحركة الاحتجاجية الصادة لكل هذه المهازل والمآسي و الإجهازات العامة على المكتسبات الاجتماعية الشعبية، ومع ذلك، كانت الإرادة سلاحي في الاستمرار، وكانت الدراسات العليا، ومآسي التأقلم الإكراهي مع واقع البحث العلمي فيها، هذه هي المسيرة في مسلسل درامي حلقاته تشهدها الإرادة والعزيمة، كما تشهدها معاناة الدراسة والتحصيل العلمي وتذبذب البرامج التعليمية، لتنضاف إليها بشكل أصبح معتادا حلقة واقع بطالة الأطر العليا،
صار الخط تصاعديا بسلاح الإرادة لتسلق الدرجات العلمية العليا، ليصبح خطا تصعيديا في شوارع الرباط، و يا للعار، لتسلق الأشكال النضالية العليا...
كانت الرغبة هي استكمال حلقات التكوين والبحث العلمي، لتصبح إكراها، رغبة في استكمال حلقات التكوين في مجال النضال واستراتيجياته، بحفظ الشعارات، والتفنن في إبداع الأشكال الاحتجاجية الرمزية والتصعيدية، والبحث عن منفذ للحيلولة دون أن تلحقك العصا الغليظة للقوات المساعدة ورجال السيمي،...و هي إذا لحقت الإطار المعطل، وقد تلحقه وقد لحقته، ما عليه إلا أن يتأقلم مع ألمها، وجرحها وعلامتها التي تترك له في لحمه وعظمه، وسائر جسده،...
ماذا تبقى إذن من مأساة أعيشها أو عشتها لأحكيها بعد هذه المآسي المؤلمة والمضحكة، والتي أضحت تتكرر يوميا بشوارع الرباط وأمام مقرات بعض المؤسسات العمومية والحزبية أيضا؟ تساءلت كثيرا هذا السؤال وأنا في طريقي ذهابا وإيابا من وإلى الرباط،...
لم يتأخر الجواب أن يـأتيني، للحظات من عمر نضالي وصمودي بالرباط،...هل تعلمون ما هو هذا الجواب؟
ثقب بطبلة أذني اليسرى جراء صفعات وحشية متتالية تلقيتها من أحد رجالات القوات المساعدة وبعصاه الغليظة على الجانب الفك الأيسر من وجهي، أثناء اعتصام سلمي نظمته الأطر العليا المعطلة بمبنى وزارة التعليم العالي يوم الأربعاء 07 ماي 2008، كان هذا هو موضوع زيارة الفحص الطبية التي ذكرت لكم، وإلى أن أتأكد بعد زيارات فحص طبية منتظمة مستقبلا، بمصير هذا الثقب، مع تناول بعض الأدوية التي تخفف من حدة الطنين الذي أعاني من سماعه، وإلى أن تنال كل هذه الأطر المرابطة بالرباط حقها الإنساني والدستوري والقانوني في الإدماج الفوري والمباشر والشامل في أسلاك الوظيفة العمومية، أقول لكم تصبحون على دولة كريمة يعز فيها الوطن وأهله...

ليست هناك تعليقات: